★اللواء. أ.ح. سامى محمد شلتوت...الرمال السوداء ثروة قومية لمصر

 

الرمال السوداء ثروة قومية لمصر و أفاق صناعات واعدة


★اللواء. أ.ح. سامى محمد شلتوت





※ الرمال السوداء هي رواسب شاطئية سوداء ثقيلة وهي معادن كثيفة، حيث تبلغ كثافتها النوعية نحو{ ٢.٨} بالمقارنة مع معدن الكوارتز الذي كثافته النوعية تبلغ نحو {٢.٦}، تأتى من منابع النيل وتتراكم على بعض الشواطئ، وتسمى بهذا الإسم لأنه يغلب عليها اللون الدحتوائها على كثير من المعادن الثقيلة، وتتركز رواسب الرمال السوداء عند مصب النيل بالقرب من دمياط ورشيد، وهى رواسب فتاتية من حبات معادن ثقيلة ملونة تتراكم على الشواطئ نتيجة وجود مصبات الأنهار فيها، يحملها النيل آلاف الكيلو مترات، ليلقى بها على شواطئ البحر المتوسط، وتتكون الرمال السوداء من مجموعة من الطبقات داخل التربة بالدلتا، مما يعنى إختلاف أحجامها ونسب وجودها من منطقة لأخرى، بحسب إنخفاض المنطقة أو إرتفاعها، بالإضافة إلى تأثير الميل والرياح.

※ الرمال السوداء بحسب تركيز المعادن الثقيلة نوعان: 

١- نوعية داكنة اللون غنية بالمعادن الثقيلة {٧٠-٩٠٪}.

٢-  ونوعية رمادية تحتوي على نسبة أقل من المعادن الثقيلة{٤٠٪}.

 ※ الدراسات أثبتت أن أغلب المكونات المعدنية الإقتصادية في رواسب الرمال السوداء المصرية تتركز في الحجم الحبيبي {0.125 ملم}، ومعظمها بين {0.124 - 0.067} ملم، وهذا يعنى سهولة فصلها ميكانيكياً.

وٌ أماكن تمركز الرمال السوداء في مصر. بحسب تقديرات هيئة المواد النووية المصرية من مسح جوي ودراسات كشفت عن إمتلاك مصر لما يقرب من إحدى عشر موقعًا على السواحل الشمالية تنتشر بها الرمال السوداء بتركيزات مرتفعة، بدءًا من رشيد حتى العريش بطول ساحل {٤٠٠ }كيلومتر من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، تبدأ من إدكو شمال محافظة البحيرة، وتوزع على {٤} مناطق تشمل شمال سيناء بواقع {٢٠٠} مليون متر مكعب، ودمياط بواقع {٣٠٠} مليون متر مكعب، ورشيد بواقع {٦٠٠} مليون متر مكعب، وبلطيم بواقع {٢٠٠} مليون متر مكعب،  موقعان  بمحافظة كفر الشيخ .الأول شرق البرلس بملاحة منيسي التابعة لقرية الشهابية على مساحة {۸٠} فداناً. والثاني بشمال الطريق الدولي غرب محطة توليد الكهرباء العملاقة بالبرلس على مساحة {٣٥} فداناً.

※ الرمال السوداء في مصر ثروات مهدرة لأكثر من ثلاثين عاماً. في أواخر الثلاثينيات شهدت مصر بداية إستغلال الرمال السوداء علي يد مجموعة من الأشخاص اليونانيين، حيث كانت تنقل من رشيد عبر ترعة المحمودية إلى حجر النواتية في الإسكندرية لتجهيزها وفصل المعادن الإقتصادية. و إستمر إستغلال الرمال السوداء في مصر في فترة الأربعينيات بواسطة شركة الرمال السوداء المصرية، حتى تم تأميمها عام ١۹٦١م. تحت إسم الشركة المصرية لمنتجات الرمال السوداء،  ًو تمت تصفيتها عام ١۹٦۹ م. تحت إسم مشروع تنمية و إستغلال الرمال السوداء، وفي عام ١۹۸٤م.

كلفت الحكومة المصرية شركة أسترالية / إنجليزية بعمل دراسة فنية وإقتصادية عن كيفية إستغلال الرمال السوداء في مصر، و تحديد أفضل الأماكن لإنشاء هذا المشروع.

في عام ١۹۹٥م. تبنت وزارة الكهرباء و الطاقة المصرية موضوع إنشاء مصنع لإستغلال الرمال السوداء في محافظة كفر الشيخ، التي تمتلك أكبر تركيز للمعادن الاقتصادية في هذه الرمال و المقدر بنحو {۸٠٪} في منطقة البرلس، ووضع حجر الأساس لهذا المصنع علي ساحل البحر الغربي بمحافظة كفر الشيخ،  و قد تكلف إنشاء المصنع أكثر من{٢٥}مليون جنيه،  لكن هذه الخطوة حكم عليها بالفشل.

※ في عام ٢٠٠۸م كلفت الحكومة المصرية شركة داونر مايننج الأسترالية بإجراء دراسة متكاملة عن الرمال السوداء في مصر و تحديد الجدوى الإقتصادية منها. و أكدت أنه مشروع إقتصادي هائل ذو جدوى، لكن لم يكتمل المشروع.

و في عام ٢٠١٠ م.قامت هيئة المواد النووية بطرح مزايدة علنية لإستغلال الرمال السوداء في منطقة البرلس بمحافظة كفر الشيخ علي ساحل البحر الأبيض المتوسط بطول نحو {١۹} كم، و لم يتقدم لهذه المزايدة سوي شركة واحدة فقط هي كريستال السعودية، و هي شركة متخصصة في إنتاج و توزيع ثاني أكسيد التيتانيوم، مما حول الموضوع من مزايدة علنية طرحتها الهيئة إلى قرار بالأمر المباشر لإسناد المشروع لهذه الشركة، مما تسبب في تعطيل المشروع مجدداً. وخصوصاً بعد إندلاع أحداث ٢٥ يناير و ما تبعها من أضرار و تداعيات على الإقتصاد المصري.

※ جاء عام ٢٠١٦م.  حاملاً الآمال و الطموحات لبداية إحياء المشروع القومي لإستغلال الرمال السوداء. و تم تأسيس أول شركة مصرية لتعدين الرمال السوداء، و هي الشركة الوطنية للرمال السوداء بالبرلس بمدينة كفر الشيخ و بتكلفة تقديرية تخطت مليارى جنيه، و تساهم القوات المسلحة كشريك أساسي بنسبة {٦١٪} منه، وأحد البنوك بنسبة {١٤٪}، وهيئة المواد النووية بنسبة{ ١٥٪}. و ترجع القيمة الاقتصادية للرمال السوداء

لإحتوئها على معادن إقتصادية تدخل في الكثير من الصناعات المهمة، من أبرزها:

١- معدن الزركون الذي يستخدم في صناعة السيراميك، والعوازل، والخزف، والأسنان التعويضية.

٢- معدن الروتيل و الألمنيت الذي يستخدم في صناعة البويات.

٣- معدن الزركون عنصر الزركونيوم الذي يستخدم في صناعة أغلفة الوقود النووي، و في العديد من الصناعات النووية والإستراتيجية الأخرى.

٤- الجرانيت الذي يستخدم في صناعة فلاتر المياه و الصنفرة.

٥- الماجنتيت الذي يستخدم في صناعة الحديد الإسفنجي و تغليف أنابيب البترول.

٦- معدن المونازيت المشع، و هو مصدر إنتاج العناصر الأرضية النادرة المستخدمة في الصناعات عالية التقنية التي تعتمد أغلبها على الإلكترونيات ذات أهمية كبيرة في النواحي الإستراتيجية.

٧-  كما أنه مصدر للحصول على اليورانيوم الذي يصلح كوقود نووي. 

٨- المعادن المشعة تحتوي على معدن المونازيت و الزركون و بهما نسبة قليلة من العناصر المشعة، مثل الثوريوم واليورانيوم، لذلك سميت بالرمال المشعة.

※ وأخيراً تعد الرمال السوداء ثروة ومشروع جديد يضاف لسجل إنجازات الدولة في المشروعات القومية، و ستنقل الرمال السوداء مصر إلى مصاف الدول الصناعية و الاقتصادية الكبرى، حيث تساهم المعادن المستخلصة في دفع عجلة الإقتصاد المصري، فضلًا عن المساهمة في تنويع مصادر الدخل القومي.

إرسال تعليق

0 تعليقات