كن قِنعاسا ، لا ابن لبون ولا بازل

 


كن قِنعاسا ، لا ابن لبون ولا بازل 



تقول الشاعرة الرقيقة ليليان اٌدم :


سأسرق من الليل

حلما... أهديه لك

وأستبيح ما هو حرام

في مشاعر تفترس السكون

وتظل دائما أنت السؤال

السؤال الذي يبقى شمعة

يخنقها صمت الجواب .


                  الكل  ملزم أدبيا ، واخلاقيا ، باتخاد كافة الاحتياطات من عدم الوقوع في فخ قهر ، وتكسير ، وجُرح خواطر الإبداع الكامن وراء ملامح الآخر وخاصة  الانتى ، اعتبارا  لكون القوارير ، وعلى الرغم من مركزهن  الاجتماعي ، أو الوسط العايلي  يمتزن بارواح رقيقة جدا  ، بها مُسحة ملايكية،  فضلا عن شعور دقيق ومرهف كامن في انفسهن ، وهذا إحساس نابع من الفطرة التي  جُبِلت  عليها الانثى  في اصل خلقتها . 


                 وعليه فكل فرد  منا  ملزم بأن يكون قِنعاسا في تعامله مع  شعور الانثى ، لا ابن لبون ، ولا بازل .

والقِنعاس بالكسر، وهو الجمل العظيم الجسم، الشديد القوة. 

في حين ان ابن اللبون: ولد الناقة إذا استكمل السنة الثانية، سمّي بذلك، لأن أمه ولدت غيره، فصار لها لبن. واللبون: الناقة والشاة ذات اللبن .

اما البازل فهو البعير الذي دخل في السنة التاسعة .


                    وعليه فالحيطة  والحذر  خاصيتان  من المفروض استحضارهما كسلوك راق  في التعامل مع القلوب التي صادقتك في يوم من الايام .

وللاشارة  فالواقع ملىء بنمادج  لانكسارات وجراح  ترتب عنها انعكاسات خطيرة دمرت مستوى حياة الآخرين  ، كما هو الامر في موضوع الواقعة التي سارويها لكم رفقته .


                 في سنة 1872 تقدمت فتاة حائرة متسخة بالوحل من أحد رجال الشرطة في أحد مناطق مدينة نيويورك، وخاطبته بلغة أجنبية ( اللغة الفرنسية). 

        فحاول بعض المارة تقديم المساعدة لها، لكن الفتاة كانت تعاني من فقدان للذاكرة.     

        وقد ساهمت إحدى الجمعيات الخيرية الفرنسية في مساعدتها على إستعادة عافيتها، وبعد التحقق من هويتها عرفوها بانّها "أديل هوغو" إبنة أبرز أدباء فرنسا في تلك الحقبة الأديب والشاعر الكبير "فيكتور هوغو" صاحب رواية البؤساء الذائعة الصيت. 

      وقصة ابنته هذه حطمت قلب والدها، فبينما كانت تشاطره منفاه في جزيرة غيرنيزي البريطانية في بحر المانش لمدة خمسة عشر عاماً خلال حكم نابليون الثالث من عام 1855 حتى عام 1870 ، لتمرده على الأوضاع القائمة في فرنسا.    

           هامت بحب شاب خائن أحبته حبا جنونيا وهو بريطاني يُدعى 'ألفريد بنسن' الملازم في الجيش البريطاني، وقد تبعته عبر المحيط الأطلسي إلى 'نوفا سكوتيا' حيث نُقِلت كتيبته العسكرية.     

        فاستغلها أبشع استغلال وعاش عالة عليها ينفق من مالها طوال سنوات، ثم هجرها بلا أصدقاء وبلا مال في نيويورك، فأُعِيدت 'أديل هوغو' منكسرة وفي حالة مزرية إلى فرنسا.    

        وقد انهكها الذل واليأس وقوة الصدمة التي تلقتها من احب الناس الى قلبها، فنذرت الصمت المطبق، فحاول والدها 'فيكتور هوغو' ثنيها عن عزمها وعودتها عن نذرها، لكنه فشل في ذلك، وطيلة ثلاثة واربعين سنة من 1872إلى حين وفاتها سنة 1915. 

     لم تتلفظ هذه الفتاة البائسة بكلمة واحدة، ضاربة بذلك الرقم القياسي في أطول صمت فُرِضَ فرضا ذاتيا عرفه التاريخ البشري..


                هكذا يفعل القهر والظلم ببعض الشخصيات الرقيقة ، وخاصة اللواتي يستحم في  اَحْوَر جفونهن الخلود ،  ويصلي لهن كل قمر اسمر .


عبدالسلام اضريف

إرسال تعليق

0 تعليقات